السبت، 24 أغسطس 2013

الظلم شيء ... والشعور بالظلم شيء آخر ...


 

الظلم شيء ... والشعور بالظلم شيء آخر ...

للظلم حقيقة ... للظلم صورة معلومة الأبعاد ... هذه الصورة تتشكل من حقائق معلومة وثابتة ... وغير قابلة للتحويل ولا للتأويل ...

عندما يكون هناك فاعل معلوم ... وفعل ثابت ومتحقق ... ومفعول به معلوم ... يمكن الحديث عن ظلم ... لأن هناك ظالم ومظلوم وفعل محسوب على الظلم ...

فعل لا تحسبه الأهواء على ما تعتبره هي ظلم ... بل فعل يحسبه الشرع على الظلم الذي يراه الشرع ظلما ...

أما الشعور بالظلم ... فهناك فعل متحقق وفعل معلق ومظنون ...

هو يشعر بأنه مظلوم ... أو يشعر بأنه ظالم ...

أجل ... لقد حصل ما جعله يشعر بالظلم ...

لكن ... هل سأل نفسه : " هل أنا مظلوم فعلا ؟ ... أم أنه مجرد شعور ؟ " ...

أو سأل نفسه : " هل أنا ظالم فعلا ؟ ... أم أنه مجرد شعور ؟ " ...

في كثير من الأحيان ... يتصرف معنا شخص بطريقة تجعلنا نقول بأنه قد ظلمنا ... وبعد برهة من الزمن ، نكتشف أننا نحن من ظلمناه بسوء فهمنا لذلك التصرف ... ظلمناه لأننا شعرنا بالظلم دون أن يكون هناك ظلم ...

وأحيانا نسمع بحكاية واقعية في مجتمعنا ... حكاية فيها ظالم ومظلوم ... فنقول نحن الذين لا علم لنا بالحقائق : لقد ظلم زيدٌ عمرًا ...

وفي كثير من الأحيان نخطئ الصواب ...

نتيه وسط الأحداث ... وننسى أننا في طريقنا إلى الأجداث ...

نحن المتتبعون ... المتجسسون ... المتحسسون ... نأخذ فِعل المظلوم ... نأخذ تصرفه المباح الذي لجأ إليه ليحافظ على كرامته وعلى عزته ... نأخذ ذلك الفعل ونجعل منه أساس إصدار الحكم على حكاية ربما يمتد عمرها لسنوات ...

نصدر الأحكام دون احتكام ... لم نحتكم لشرع ... ولم نلتفت إلى أصل ولا فرع ...

أي ظلم هذا ؟ أية ظلمات هذه ؟

وفي كل حكاية ... هناك مظلوم ... وهناك من يشعر بأنه مظلوم ...

والمظلوم مظلوم حقيقة ... وقد لا نعرف ذلك مطلقا ، بسبب غياب الحقائق عنا نحن المتتبعون ...

والذي يشعر بأنه مظلوم ... قد يكون مظلوما فعلا ... وقد يكون ظالما ... وكل ذلك قد لا نستطيع التأكد من أنه فاعل أو مفعول به ...

لأن بلاغة الظالم قد تصوره على أنه مظلوم ... فيُقضى له ولا يُقضى عليه ... حتى لو كان القاضي سيد الخلق ، الحبيب صلى الله عليه وسلم ...

فعن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

« إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض ، فأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك . فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها » رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن .

والشعور بالظلم ضرب من ادعاء الظلم ... والادعاء لا يعني حصول العطاء ...

فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

« لو يُعطى الناس بدعواهم ، لادعى رجال أموال قوم ودماءهم ، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر » [ حديث حسن رواه البيهقي وغيره هكذا ، وبعضه في الصحيحين ] .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مالكم تكأكأتم علي كتكأكئكم على ذي جِنّة

حُكِي أن عيسى بن عمر النحوي الثقفي البصري سقط عن حمار فاجتمع عليه الناس فقال : ((مالكم تكأكأتم علي كتكأكئكم على ذي جِنّة افرنقعوا عني)) ...